هنالك
بون شاسع بين مصطلح المثقف ومصطلح المتعلم ، فالمتعلم هو من احسن القراءة
والكتابة ، اوحصل على شهادة علمية ، اماالمثقف فهو المستوعب للثقافة / وهو
يتميز بصفتين اساسيتين//الوعي الاجتماعي الذي يمكن المرء من رؤية المجتمع
وقضاياه ،من زاوية شاملة وتحليل القضايا على مستوى نظري متماسك// والدور
الاجتماعي وهو النشاط الذي يؤديه صاحب الوعي الاجتماعي بكفاية وقدرة في
مجال اختصاصه المهني وكفاءته الفكرية.....فالثقافة هي اولامحيط معين ،
يتحرك في حدوده الأنسان فيغذي الهامه ويكيف مدى صلاحيته للتاثيرعن طريق
التبادل والثقافة (جـو)من الألوان والأنغام والعادات والتقاليد والأشكال
والأوزان والحركات التي تصنع حياة الانسان اتجاها واسلوبا خاصا يقوي تصوره
ويلهم عبقريته ويغذي طاقاته الخلابة ، انها الرباط العضوي بين الأنسان
والاطار الذي يحـويه ،وعلى ضوء هذه الحقيقة بانه من الطبيعي ان يتعدد
مفهوم الثقافة بتعدد الأيديولوجيات والأنتماءات المعرفية حتى بلغت نحو 60
تعريفا وحسب راي عالم انثروبيولوجيا الفرد كروبر وكلاكهـون ، والثقافة في
منظور علماء الأنسان والأنثروبيولوجي المضاف الأنساني الى حالات الطبيعة ،
اي كل المكتسبات والأنجازات النظرية والعملية التي انتجها الانسان في
تاريخه الأجتماعي .... وعرفت الثقافة في قاموس اكسفورد بانها/ الاتجاهات
والقيم السائدة في مجتمع معين ، كما تعبر عنها الرموز اللغـوية والأساطير
والطقوس واساليب الحياة ومؤسسات المجتمع التعليمية والدينية والسياسية ،
ويعرف ادوارد تايلور الثقافة في كتابه الموسوم الثقافة البدائية بانها /
هذا الكل المعقد الذي يتضمن المعرفة والاعتقاد والفن والحقوق والاخلاق
والعادات وكل قدرات واعراف اخرى / اكتسبها الانسان كفرد في مجتمع ، ويفرق
الكاتب وليام اوجيرن في الثقافة بين حالتين يطلق على احدهما اسم الثقافة
المادية وعلى الأخرى الثقافة المتكيفة.... فالمجال الاول يقـيم في رايه
الجانب المادي من الثقافة ، اي مجتمع الأشياء وادوات العمل والثمرات التي
نخلقها / ويضم الثاني الجانب الأجتماعي فالعقائد والتقاليد والعادات
والافكار واللغة والتعليم وهذاالجانب الاجتماعي هو الذي ينعكس في سلوك
الافراد..اما مالينوسكي في عرف الثقافة بانها/ الحرف الموروثة والسلع
والعمليات الفنية والافكار والعادات والقيم والبناء الأجتماعي والمواثيق
التي تتعاهد عليها الجماعات المختلفة فهي كل ما نعيشه وكل ما نلاحظه ، او
هي باختصار كل ما يتعلق بعملية تنظيم بني البشر في جماعته ، وعرفت المنظمة
العالمية للثقافة والفنون اليونسكو - الثقافة بقولها/ الثقافة بمعناها
الواسع يمكن ان ينظر اليها على انها جميع السمات الروحية والمادية
والفكرية والعاطفية التي تميز مجتمعا معينا او فئة اجتماعية بعينها ، وهي
تشمل الفنون والأداب وطرق الحياة كما تشمل الحقوق الاساسية للأنسان والنظم
والتقاليد والمعتقدات.
فتاريخ الثقافتين العربية والاسلامية الحديث هو تاريخ صراع والمدافعة بين
مجموعة من التباينات / قــــديم ـ حـديث .../ اصالة ـ معاصـرة.../ وافــد
ـ اصـيل.../علـــم ـ دين ../تراث ـ تجـديد وتتبادل اشكال الصراع حسب
الظروف والمتغيرات ولألقاء نظرة على البيانات والأحصاءات الرقمية على واقع
الحال في العالم العربي حيث نلاحـــظ فيه انه لا يتجـاوز اجمالي المسجلين
في التعليم نسبة 10 بالمائة من فئة العمر بين 20 الى 24سنة ، مقابل 37
بالمائة في اقتصاديا ت السوق العالمية ... واجمالي عدد سكان البلدان
العربية 4 بالمائة من مجموع سكان العالم ...غير ان عدد مهندسي البحث
والتطوير فيها اقل من واحد بالمائة فقط ، بينما اجمالي انفاقها على البحث
والتطوير الأدنى بين البلدان العالم 0.27 بالمائة ، وان نسبة الذين هم في
سن العمل منخفض نسبيا 53 بالمائة بالمقارنة 67 بالمائة في البلدان
الصناعية ( قبل الأزمة الاقتصاية الأخيرة)...ان لهذه الارقام تساعدنا في
فهم مقدار الجهد الذي ينبغي ان يبذله العالم العربي من اجل ردم وتجسير
الفجوات والهوات التي تفصله عن الدول الصناعية الكبرى ... ومن جهة اخرى
نتفهم بصورة واضحة وجلية لاتقبل الشك والتاويل وجهة نظر السلبية لغالبية
معاهد والمؤسسات المدنية الغربية والتي تحملها الصورة النمطية التي تظهرها
للمجتمعات العربية كافة سواءا مقصودة كانت او عن غير قصد حيث مرتبطة
بالفسق او بالضرر او بالخديعة المتعطشة للدم ، وتظهر فيها الشخصية العربية
/// منحلا ذا طاقة جنسية مفرطة ، قديرا بلا شك على المكيدة البارعة
والمراوغة لكن جوهره/// سـادي ، خـائن ، ساخط ،مــبذر ،تاجر رقيق ـ راكب
جمال ، خائف دوما وغــد ، متعدد الظـــــلال ، // وف ي اي مشكلة اقتصادية
اوسياسية او امنية تواجه الغرب دائما يتم استدعاء وتوظيف كل مكونات الصـور
المشوهة للعرب ، واحسن مثال ودليل قاطع على ذلك احداث 11سبتمبر2001 وما
تلاه من غزو العراق العظيم وافغانستان ، لهـذه العـوامل والاسباب الرئيسية
مجتمعة فقـد العالم العربي القوة الكافية لتطوير او صناعة وانهاء ازماته ،
فاصبح يعيش الازدواجية والثنائية في كل شيء / تراث ليس بمقدور الأمة
استنطاقه بما يتناسب وتطورات العصر ، ومكتسبات حضارية وتقنية وتكنولوية
ليس بمقدور الانسان الاستغناء عنها ، واصبحت الأمة العربية تعيش في هذه
الدوامـة والحلقة المفرغة ، وعلى العكس والنقيض عن ذلك وفي نفس الوقت
بالذات كان العالم الاوروبي يشق طريقه نحو التقدم والتطور والارتقاء
وانهاء مخلفات القرون الوسطى ، وكنتيجة حتمية للعديدمن التجارب والابحاث
العلمية والعملية والدراسات الفلسفية والفكرية المتنورة والتي اخرجت
البشرية والعالم من دياجير الظلام والمتمثل بالجـــــهل والـــــفقر
والمرض والتخلـــف والتي هي اهـم اعداء الانسانية ، واليك عزيزي القاريء
اشير الى كوكـــبة من اهم فلاسفة وعلماء والمفكرين الاوروبين الذي
بابداعاتهم س اهموا في النهضة الاوروبية...فندئها بنظرية التطور والارتقاء
(اصل الانواع)للعالم البريطاني تشارلز داروين...والجاذبية لأسحق
نيوتن...والمثالية لهـيـغل والوضعية والأخلاقية لأمانويل كانت...والنشوئية
لهربرت سبنسر ...والمادية الديالكتيكية وحتمية التاريخ لكارل ماركس
وفردريك انجلز...والنظرية الجنسية والتحليل النفسي لسيغموند فرويد
..والأجتماعية لدوركايــــم والوجودية والعبثية لجان بول سارتر وهيدكر ...
والبنيوية لميشيل فوكـو .... وموت الألـــه وصنمية الأنسان لجوليان هكسلي
وفريدرش نيـتشة وبرانت رسل ...والنظرية النسبية لالبرت اينشتاين.....الخ/
ومع تراكـم التطور الغربـي وتحقيق منجزات هائلة على كافة الصعد والمستويات
المختلفة ومع سيطرة هذه الدول على المعارف والتقنية الحديثة بدات ابواب
الدول النامية والنائمة(دول العالم الثالث) ودول العالم الرابع(الافريقية
- والعربية) بالسقوط مثل احجار الدوميـنو واحدة تلــوى الأخرى لتنفـذ من
خـــلالها قــوة الغرب الطاغية وانجازاته المعرفية وقيمـــه الاجتماعية
والأخـلاقــــية ....واختم مقالي بالقول الماثور للفيلسوف الفرنسي جان بول
سارتر/// المجتـــمع الذي يصـــ هر الأديب او الفـــــنان هــــو اســــوا
انواع المجتمعات قاطبة.....والى اللقــــــــــاء.
بقلم / الكاتب والمهندس
عامرحنامتي حـــــداد
برلــــين ـ المانــــيا
موقع انفاس